رجوع

حوكمة البيانات في المملكة العربية السعودية

تمثل حوكمة البيانات جزءًا حيويًا من التحول الرقمي الذي تشهده المملكة العربية السعودية في إطار رؤية 2030 إذ تعد البيانات أصولًا إستراتيجية تحمل الكثير من القيمة والإمكانات في مختلف القطاعات سواء الحكومي أو الخاص، فما هي حوكمة البيانات؟ وما أهدافها؟ وما الخطوات التي اتخذتها المملكة لحوكمة بيانات شركاتها المختلفة؟

ما المقصود بحوكمة البيانات؟

حوكمة البيانات هي الإطار الذي يشمل السياسات والإجراءات والممارسات التي تهدف إلى استخدام البيانات وإدارتها وتخزينها بصورة فعالة وآمنة بهدف ضمان جودة البيانات وحمايتها والامتثال للقوانين واللوائح ذات الصلة وإنشاء بيئة تسمح بالتعامل مع البيانات بفعالية واستدامة وتعزز الثقة في كونها دقيقة وكاملة وآمنة وقابلة للاستخدام وتحد من المخاطر المتعلقة بسوء إدارتها.

تطبق حوكمة البيانات على مختلف المستويات سواء على المستوى الكلي للمنظمة أو على مستوى الإدارات والأقسام المختلفة وتختلف السياسات والممارسات وفق طبيعة كل منظمة واحتياجاتها مع مراعاة القوانين واللوائح والتشريعات المعنية.

تقسم حوكمة البيانات إلى المجالات أو العناصر التالية:

  • السياسات والإجراءات: وضع سياسات إدارة البيانات ومعالجتها وإجراء العمليات المختلفة عليها بما في ذلك توثيق جمع البيانات وتخزينها ونقلها، والمتوقع من هذه السياسات والإجراءات أن تكون شفافة ومفهومة وتراعي اللوائح والأنظمة والمعايير القانونية.
  • الجودة: ضمان أن تكون البيانات دقيقة وكاملة وحديثة وموثوقة ومتسقة، وتستخدم العديد من الأدوات والمعايير لمراقبة الجودة وضبطها وتقييمها والعمل على تحسينها.
  • الأمان والخصوصية: حماية البيانات من التهديدات الأمنية والوصول غير المصرح به وتنفيذ تدابير أمان قوية لضمان خصوصية أصحاب البيانات بما في ذلك تحديد مسؤوليات وصلاحيات الدخول والتعديل.
  • مراقبة الامتثال: مراقبة تنفيذ سياسات حوكمة البيانات والتأكد من قانونيتها وتوافقها مع اللوائح والمعايير المعمول بها و امتثالها للقوانين والأنظمة.
  • التوثيق: توفير معلومات وصفية حول تفاصيل البيانات وهياكلها وعلاقاتها مع البيانات الأخرى وتوثيق تغيراتها مع مرور الوقت وتعقب مواقعها.

أهمية حوكمة البيانات

أصبحت حوكمة البيانات في ظل التحول الرقمي أكثر أهمية من أي وقت مضى فهي تساعد المؤسسات على تحقيق أقصى استفادة من بياناتها وتضمن استخدامها بطريقة مسؤولة، وتعد حوكمة البيانات أساسًا في إدارة البيانات وتنظيمها بما يمنح الشركات والأنشطة التجارية والخدمية العديد من الفوائد الهامة مثل:

  • حماية البيانات: تعد حوكمة البيانات أداة هامة لضمان حماية البيانات من الاستخدام غير المشروع أو غير مصرح به ما يضمن الحد من التهديدات الأمنية والحفاظ على خصوصية البيانات المهمة ويقلل مخاطر الاختراق والسرقة.
  • تعزيز الثقة والشفافية: تساهم حوكمة البيانات في بناء ثقة العملاء والشركاء والجمهور عبر ضمان الشفافية والنزاهة في استخدام البيانات وإدارتها ما يعزز من سمعة الشركة وجاذبيتها في سوق الأعمال.
  • توفير البيانات الدقيقة والمفيدة: تساعد حوكمة البيانات على توفير بيانات دقيقة ومفيدة للمستخدمين والجهات المختلفة المعنية تعتمد على أحدث تقنيات معالجة البيانات والتحليل الاحتمالي والذكاء الاصطناعي والبرمجة المتقدمة لإدارة البيانات والتخزين.
  • تقليل التكاليف وزيادة الكفاءة: تتيح حوكمة البيانات تحقيق كفاءة عالية في العمليات إذ تساهم في توفير الوقت والجهد اللازمين للبحث عن البيانات وتحليلها إضافة لتفعيل إدراتها بأفضل صورة وتحقيق أعلى عائد استثمار، وتتيح التخلص من الأخطاء والمشكلات التي تتسبب بها البيانات الخاطئة أو المنقوصة وتخفيض تكاليف إعادة العمل أو تصحيحه.
  • الامتثال التنظيمي والقانوني: تضمن حوكمة البيانات أن المؤسسات تراعي متطلبات القوانين والتشريعات خاصة المتعلقة بالمعلوماتية والخصوصية ما يجنب الشركات العقوبات والغرامات المالية التي يمكن فرضها بسبب انتهاكات حماية البيانات ويسهم في بناء سمعة طيبة للشركة.
  • اتخاذ القرارات المستنيرة: تعد حوكمة البيانات أحد العناصر الأساسية لاتخاذ القرارات الصحيحة عبر توفير معلومات دقيقة ومفيدة للإدارة العليا للخروج بقرارت أكثر دقة وذكاء سواء كانت تشغيلية يومية أو خطط طويلة المدى.
  • الابتكار والتطوير: توفر حوكمة البيانات القاعدة الأساسية للابتكار والتطوير داخل المنظمة إذ تتيح استخلاص المعارف من البيانات بالصورة الصحيحة لتحقيق التحسينات والابتكارات في منتجات الشركة وخدماتها وبالتالي تعزيز تنافسيتها في السوق وتحقيق التطور والنمو وحسن اكتشاف الفرص واستغلالها.
  • حسن إدارة الأعمال: تحدد حوكمة البيانات الأدوار والمسؤوليات لإدارة البيانات وتوزعها بين مختلف الموظفين المعنيين وتسمح بتبادل البيانات والاستفادة منها بأفضل صورة بين الأقسام المختلفة، وتوفر الأدوات والتقنيات اللازمة لضمان تحليل البيانات واستخلاص قيمتها الحقيقية ما يزيد من تدفق البيانات ويساهم في تحسين التنظيم العام ويحسن تجربة العملاء بتقديم خدمات ومنتجات مخصصة تلبي احتياجاتهم.

تحديات إدارة البيانات في المملكة العربية السعودية وضرورة تفعيل حوكمتها

تعد المملكة العربية السعودية من الدول الرائدة في مجال التحول الرقمي وتعزيز الاقتصاد الرقمي عبر تطبيق أحدث التقنيات الرقمية في مختلف القطاعات واعتماد التحول الرقمي وسيلة لتعزيز التنمية الاقتصادية وتحسين جودة الحياة، ويعد تحويل الاقتصاد الوطني إلى رقمي من الأهداف الرئيسية لخطة المملكة 2030 والتي يتطلب تحقيقها تمكين المؤسسات الحكومية والخاصة من جمع البيانات وتحليلها واستخدامها بصورة فعالة خاصة مع التضخم الهائل في البيانات وتنوعها واختلاف صيغها ومصادرها، ومع نمو التحول الرقمي في المملكة برزت العديد من التحديات في إدارة البيانات واستخدامها وضرورة حوكمتها للتغلب على هذه التحديات، ومن أبرزها:

  • التنوع في مصادر البيانات: تنتج المؤسسات في المملكة العربية السعودية كميات هائلة من البيانات من مصادر متنوعة مثل أنظمة الأعمال وأنظمة التحليلات وأجهزة الاستشعار والشبكات الاجتماعية وتطبيقات الهاتف المحمول ويعد تعدد المصادر من أكثر التحديات التي قد تواجه المؤسسات والشركات وضرورة توفير بيئة تتيح توحيد مصادر البيانات أو تنظيمها.
  • نوعية البيانات: التأكد من نوعية البيانات المستخدمة وجودتها إذ قد تحتوي البيانات على أخطاء أو تؤثر على دقة التحليل واتخاذ القرارات إضافة لتعقيد هذه البيانات مع تضخم حجمها وصعوبة تحليلها وضرورة توحيد البيانات وتكاملها وتصحيحها وتنظيفها وتوفير آليات وأدوات لضمان جودتها وتحديثها باستمرار.
  • أمان البيانات والخصوصية: ضرورة وضع إجراءات صارمة لحماية البيانات وضمان خصوصيتها وضمان التزام الجهات المعنية بمعايير الأمان والحماية واتخاذ تدابير أمنية قوية لحمايتها والحفاظ على خصوصية المستخدمين.
  • التوافر وتحديات التكنولوجيا: التأكد من توافر البيانات اللازمة للقرارات الرقمية والتحليلات في الوقت المناسب وتطوير إستراتيجيات إدارة بيانات واضحة تحدد أهداف إدارة البيانات وكيفية تحقيقها إضافة إلى تيسير الحصول على الحلول التكنولوجية والاستثمار في البنية التحتية التقنية والأدوات المناسبة لإدارة هذه البيانات.
  • التحول الثقافي والتدريب: تحديات التكيف مع التحول الرقمي وإدارة البيانات وضرورة توفير التدريب والتوعية اللازمة للموظفين حول أهمية إدارة البيانات واستخدام التقنيات والأدوات الرقمية وتعزيز الثقافة الرقمية وتشجيع التعلم المستمر لتحقيق النجاح في إدارة البيانات في ظل التحول الرقمي وتشجيع التخصص في مجالات تحليل البيانات وعلومها.
  • التشريعات والقوانين: ضرورة وجود متطلبات قانونية لحماية البيانات وضمان الامتثال للخصوصية والأمان ومعايير وبروتوكولات ينبغي اتباعها والالتزام بها.

أبرز الخطوات التي اتخذتها المملكة العربية السعودية لحوكمة البيانات

في إطار التطور التكنولوجي السريع والتحول الرقمي الذي يشهده العالم أصبحت البيانات والذكاء الاصطناعي عوامل حاسمة في تحقيق التقدم والتنمية الشاملة وفي هذا السياق أدركت المملكة العربية السعودية أهمية تنظيم البيانات وإدارتها واستغلال الذكاء الاصطناعي لتعزيز الابتكار وتحقيق رؤية المملكة 2030 فقامت باتخاذ العديد من الخطوات لتعزيز حوكمة البيانات وضمان التنظيم والاستخدام الآمن والفعال للبيانات في إطار رؤية 2030 وجهود التحول الرقمي، ومن أبرز هذه الخطوات:

  • إنشاء الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا).
  • إنشاء الهيئة الوطنية للأمن السيبراني والوحدة الوطنية للحماية من الهجمات الإلكترونية.
  • إنشاء مركز البيانات الوطني
  • إصدار وثيقة سياسات حوكمة البيانات الوطنية.
  • إطلاق إستراتيجية البيانات المفتوحة.
  • التشريعات واللوائح مثل قانون حماية البيانات الشخصية ولائحته التنفيذية ولوائح ترخيص معالجة البيانات.
  • تشجيع الانتقال إلى الحوسبة السحابية.
  • تعزيز الوعي الرقمي.
  • تعزيز التعليم والتدريب.
  • تعزيز التعاون الدولي.

تعد حوكمة البيانات في المملكة العربية السعودية جزءًا أساسيًا من رؤية المملكة 2030، وتسعى الحكومة إلى تعزيز الشفافية والمشاركة وتحقيق الاستفادة القصوى من البيانات المتاحة عبر إصدار التشريعات واللوائح التي تنظم حوكمة البيانات وتحمي حقوق الوصول إليها وتركيز الجهود على توفير التدريب والتوعية لزيادة الوعي حول أهمية حوكمة البيانات وتعزيز التعاون بين الجهات المختلفة لبناء بيئة تشجع على مشاركة البيانات وتعزز التنمية الاقتصادية والابتكار وتعزيز مكانة المملكة في مجال البيانات والذكاء الاصطناعي.

الموضوعات ذات الصلة